قضية الاهواز والاعتراف
العربي
تعتبر حقبة الخمسينات و الستينات هي بداية
تكوين الحركة السياسية في الاهواز بشكل تنظيمي مع تشكيل " جبهة تحرير
عربستان" حيث قبل ذلك أي منذ سقوط امارة عربستان و حكم الشيخ خزعل بن جابر
الكعبي كانت أساليب نضال الشعب العربي في عربستان تغلب عليها الطابع القبلي و الانتفاضات
العشائرية و لكن مع صعود المد القومي و وصول الاحزاب القومية العربية
للسلطة منذ الخمسينات والستينات في القرن المنصرم وقد تبنت تنظيمات عربستانية
متعددة هذا الخطاب بتأثير مباشر من الأحزاب الناصرية والعبثية والوحدوية و... التي
نادت بوحدة الأمة العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي ورفعت
شعارات الحرية والاشتراكية وتحرير فلسطين من إلى النهر الى البحر وتحرير الأراضي العربية المحتلة.
وينطلق الخطاب القومي العربي من استنساخ أصول المصطلح القومي الذي استعاره رواد
الفكر القومي العربي الأوائل من الثقافات القومية الشوفينية الأوروبية
بشكل يستنسخ التجارب الوحدوية الأوروبية كالوحدة الألمانية والوحدة الايطالية وهي
تجارب تختلف جملة وتفصيلا عن الوعي القومي والواقع الاجتماعي والتركيبة السكانية
للعالم العربي الذي كان قد خرج لتوه من مرحلة الاستعمار وخصوصياته المحلية التي لا
تمت بصلة إلى عالم "بروسيا" بسمارك.
لقد انطلق القوميون العرب وفقا لذلك من
مبدأ وحدة الامة العربية والأرض والتاريخ و اللغة و العرق و الدين و
الثقافة في الوطن العربي ورغم مرور أكثر من نصف قرن من الزمن على حكم هذه الأحزاب
على أهم البلدان العربيةإلا أنها لم تستطع أن تحقق أي من شعاراتهما بل انها
بنت جيوشا جرارة بحجج الحفاظ على الاستقلال الوطني و تحرير فلسطين وبناء دول قوية
ولكنها استخدمت هذه القوة ضد شعوبها وما تزال تستخدم هذه الجيوش ضد مطالب شعوبها
المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بل انها تركت إرثاً ديكتاتورياً
دمويا نتيجة عقود من الحكم الاستبدادي واستعباد الشعوب ورأينا كيف استخدم القذافي
والأسد وعلي عبد الله صالح وغيرهم هذه الجيوش ضد الشعوب من اجل بقاءهم في السلطة
وقد حولت هذه الاحزاب البلاد العربية الى مزارع والشعوب الى عبيد لها
ولطغيانها وجبروتها.
ومن النتائج الكارثية التي جلبتها الأنظمة
الديكتاتورية العربية تكريس الحدود السياسية التي رسمها الاستعمار
الكولونيالي، لكن بفضل تعلق الحكام العرب بالعروش والكراسي ترسخت تدريجيا ذهنية
الدولة القطرية العربية على المستويين النظري والعملي ولم تعد قضايا
العرب قضايا واحدة بل أن التدخل في قضية أي قطر عربي بات أمرا محرما وباتت قضية كل
قطر تخص القطر المعني وحده.
لقد قضت الانظمة القومية على
نواة الدول الليبرالية العربية التعددية التي قامت بعد عهدي الاستعمار
والانتداب والتي أسست للديمقراطية الناشئة في العالم العربي ونوع من التداول
السلمي للسلطة والتنمية واشاعة قيم الحداثة وجاءت الانظمة القومية بانقلابات
عسكرية غالبا واسست لحكم ديكتاتوري شمولي احادي الفكر والايديولوجية باسم قيادة
العروبة والامة العربية وان فشلها طوال عقود وتدميرها لكل الاحزاب
والمؤسسات والتعددية السياسية الفكرية ادى الى وصول الإسلاميين الى الحكم بعد
الربيع العربي.
اما اليوم يبدوا ان اهداف الربيع العربي
في اقامة دول مدنية ديمقراطية مرة أخرى تواجه تحديات جسيمة بسبب الآثار التي
خلفتها الأنظمة القمعية في عرقلة بديل ديمقراطي والسماح بنشوء ونضوج مؤسسات
المجتمع المدني وبالتالي وقوع السلطة بيد تيارات أصولية لا تختلف جذريا عن الأنظمة
السابقة في عقليتها الشمولية وإعادة انتاج الاستبداد ولكن بمرجعيات دينية هذه
المرة.
يمكن القول ان مما حققه الربيع العربي من
اهداف مرحلية هو ايجاد القطيعة الكاملة مع حقبة الشمولية و الاستبداد و تم تجاوز
ثقافة الفكر الواحد و الحزب الواحد من ذهنية معظم الجماهير العربية التي
انتفضت بوجه طغيان و استبداد و قمع هذه الانظمة التي كانت ترفع شعار مشروع القومية العربية و
تحاول هذه الشعوب الان بناء دول ديمقراطية حديثة و قد تجاوزت مرحلة الشعارات الى
مرحلة بناء مجتمعات عصرية قائمة على التعددية و الحريات العامة و الشخصية و
التنمية و العدالة الاجتماعية و دولة القانون و المؤسسات و لم يعد مشروع الاحزاب و
الجماهير العربية المشروع القومي العربي أو اعادة انتاج شعاراته الفاشلة
كما يتخيل للبعض الاهوازي الذين يعيدون انتاج الخطاب القومي العربي فلم تحصد
الاحزاب و التيارات القومية العربية في مصر و تونس و غيرها من
بلدان الربيع العربي ألا القليل من مقاعد في الانتخابات الديمقراطية التي جرت
مؤخرا في تلك البلدان .
اذا في ظل هذا الواقع الجديد الحاصل في
العالم العربي ليس من المنطقي و لا العقلاني أن تطرح بعض التيارات الاهوازية هكذا
شعارات والتي من موروث الانظمة الشمولية المستبدة التي اراقت دماء شعوبها و ارتكبت
المجازر و الويلات و المآسي بحقهم و على التنظيمات الأهوازية المتمسكة بالخطاب
القومي بنزقه العاطفي الحماسي القديم أن تراجع نفسها و خطابها و تعيد حساباتها و
ان لا ترفع من جديد خطاب التمجيد و التبجيل و التأليه برموز الديكتاتورية كصدام
حسين و غيره من الزعماء العرب الديكتاتوريين.
يبدو ان اغلب المتمسكين بالشعارات القومية التي
تخلى عنها أصحابها لا يريد قبول الحقيقة بأن الخطاب القومي العربي (البعثي أو
الناصري...) الذي تبناه الأهوازي في حقبة زمنية معينة لم يعد يطابق الواقع ولا
يناسب المرحلة الراهنة. كما أن المنظرين الجدد للمشروع القومي العربي قاموا
بمراجعة شاملة لهذه الخطابات والأفكار والأيديولوجيات وقاموا بتغيير وتطوير وتجديد
معظم توجهاتهم وخطاباتهم. كل التغييرات والتطورات الحاصلة والوقائع والمعطيات
والدلائل تشير الى ان المشروع القومي العربي انتهى منذ زمن طويل إلا التنظيم
القومي الأحوازي / الأهوازي أصيل، لا يهزه الريح ولا يتغير ولا يتزعزع قيد أنملة
عن شعاراته، فانه متمسك بهذه الأيديولوجية (القومية) حتى النخاع وإنْ التقت الأرض
بل سماء وحتى لو اندثرت الأحزاب القومية أو انحسر الفكر القومي وحتى لو
تعارض الفكر القومي مع المصلحة ألوطنية فانه كان وسيبقى وفيا مخلصا مواليا مطلقا
لهذه الايدولوجيا مهما كلف الثمن.
التمسك بالمشروع القومي العربي اليوم كحل
لقضية الاهواز مشروع لا عقلاني بامتياز، الخطاب الذي باسمه وباسم شعاراته قمعت
الأنظمة الحاكمة لشعوب العربية منذ الخمسينات والستينات من أجل إبلاغ
الرسالة الخالدة وتحقيق الوحدة العربية والحرية والاشتراكية هذا الخطاب
نفسه استعمل القضية الأهوازية ورقة مساومة منذ اتفاقية الجزائر عام 1975 ، إنه
خطاب لا عقلاني ليس بسبب فشله في تحقيق أهدافه وإبلاغ رسالته فحسب، بل لأن هذا
الخطاب تحول إلى أداة قهر وقتل ومجازر كيميائية مروعة وتنكيل وتشريد للشعوب بيد
الأنظمة العربية بعد عقود من الممارسات القمعية والبوليسية ونشر الخوف
والرعب في نفوس الشعوب العربية بحجة المقاومة والممانعة ومعاداة
الإمبريالية والهيمنة الأجنبية. لا يعني عدم تبني المشروع القومي باننا غير
متمسكين بالهوية العربية لعربستان حيث ان القوميين يعتقدون أن بدون
مشروعهم لا عروبة لعربستان وطبعا هذا كلام مرفوض حيث أن هذا الوطن كان عربي الهوية
والثقافة والانتماء قبل ظهور المشروع القومي وقبل أن تصادر الانظمة القومية الشقيقة
قضية عربستان وتستخدمها كما يتوافق مع سياساتها ومصالحها الضيقة حتى تحول
العربستانيون إلى أكباش فداء وأوراق تساوم رخيصة بيد أنظمة القومية العربية.
القوميون في عربستان رغم خلافاتهم السياسية الشديدة إلا أنهم يجمعون نظرياً حول
مبدأ واحد وهو ضرورة التمسك بالخطاب القومي العربي بمبادئه وشعاراته وأهدافه كحل
للقضية العربية في عربستان ويقفون ضد كل من ينتقد هذا المشروع ويرفعون
شعارات يغلب عليها الطابع الشمولي الاقصائي الاحادي ويتبنون شعارات كبرى فضفاضة من
دون تقديم تحليل علمي وادلة موضوعية على نجاعة هذا المشروع كحل لقضية عربستان.
ونستعرض هنا مواقف أبرز الانظمة القومية العربية تجاه قضية عربستان
لكي نبين للقارئ والمتابع والمراقب ما تسببه هذا المشروع في تأخر وتجاهل واهمال
وتآمر ضد القضية العربية في عربستان طيلة العقود الماضية.
موقف العراق من قضية الاهواز
كان العراق دوما بمثابة موقع استراتيجي
حيوي للاهواز بسبب الجوار الجغرافي و الصلات الاجتماعية و الثقافية و التاريخية
بين عربستان و الجنوب العراقي خصوصا و لكن موقف الانظمة العراقية كان اما ضعيفا او
لا أباليا بالنسبة لعربستان كما موقف الملك فيصل من سقوط الامارة عام 1925 الى
العهد الجمهوري حيث تنظر غالبية الاحزاب العراقية القومية و اليسارية و
غيرها لعربستان باعتبارها جزء من العراق و عند استلام حزب البعث السلطة في العراق
يقول طالب المذخور احد الناشطين العربستانيين في العراق في تلك الحقبة : "
رغبة من حزب البعث في تحويل القضية الاحوازية إلى ورقة عراقية، باعتبار أن تسمية
((عربستان)) في تلك المرحلة كانت لا تسمح للعراق اِعتبار القضية الاحوازية ورقة
عراقية بسبب ارتباطها بمؤسسات ودول عربية خصوصا بعد التوصية التي رفعها مؤتمر
المحامين العرب المنعقد في الإسكندرية عام 1968م إلى جامعة الدول العربية،
والتي كانت توصي بمنح القضية كرسيا في جامعة الدولة العربية وبدعم
وتأييد من عدة دول عربية وهي مصر والعراق والكويت واليمن والجزائر. وبموافقة عدة
دول عربية على إدراج قضية عربستان في منهاج التعليم بكتاب التأريخ الذي يدرّس في
المدارس الثانوية. و حول موقف العراق بعد الثورة الايرانية يقول المذخور: "
بعث الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مبعوث شخصي من قبله إلى ليبيا للقاء قيادة
جبهة تحرير عربستان وإقناعهم بالعودة إلى العراق وذلك قبل نشوب الحرب العراقية ـ
الإيرانية بثلاثة أشهر، فاشترطت الجبهة أن عودتها للعراق مرهونة باعتراف العراق
رسميا بالقضية الأحوازية وتدويل القضية عن طريق منح كرسي للجبهة في جامعة الدول العربية،
ولكن العراق وقتها عرض على الجبهة الحكم الذاتي للأحواز ضمن الدولة العراقية، وكان
رد الجبهة قاسياً على المبعوث حين طلبوا منه إيصال الرسالة إلى الرئيس صدام حسين
وهي (سبق وإن لدغنا، ولن نلدغ مرتين)."2) فأننا نلاحظ إن حزب البعث في العراق وعند وصوله إلى السلطة
في 1968 قد ساوم على القضية الأهوازية منذ البداية وفي اتفاقية الجزائر عام 1975
تم تفكيك التنظيم الأهوازي الوحيد في العراق و قد سلم المناضلون إلى إيران و منهم
من هرب إلى سورية و ذلك ما يثبت بأنهم أرادوا القضية الأهوازية ورقة سياسية و هذا
الكلام منقول عن شهادات العديد من مناضلي و قياديي جبهة تحرير عربستان و الجبهة
الشعبية لتحرير الاحواز كالاستاذ جابر احمد و السيد وهاب الخانجي و صرحوا مرات
عديدة بان العراقيين لا يعتبرون الأهواز، قضية عربية مستقلة بل يعتبرونها قضية
داخلية على ان عربستان أرض عراقية و شأن داخلي عراقي و قد تم تطبيق هذه الروية
عمليا في الحرب مع إيران طيلة ثمانية سنوات و تجربة الجبهة العربية لتحرير
الأحواز في العراق خير دليل على صحة ما نقول. كما أن تجربة غزو الكويت عام 1990
يعزز الرؤية التوسعية الاستعلائية الدكتاتورية لدى حزب البعث. ويقول جابر احمد في
مذكراته التي هي قيد النشر "ان العربستانيين في العراق كانوا خاضعين للقرار
العراقي خضوعا كاملا ويشتد نشاطهم ويهدأ وفقا لبارومتر العلاقات السياسية بين
ايران والعراق وفي الوقت الذي كانت فيه المعارضة الايرانية في العراق تحديدا تتمتع
بحرية نسبية، إلا ان هذه الحرية مسلوبة نهائيا بالنسبة لنا ولا يتم القيام بأي عمل
إلا بعد موافقة السلطات ألعراقية رغم ذلك كان العربستانيون يتحدون هذا الحضر
ويقومون ببعض الاتصالات مع نظرائهم في ألداخل وحتى اذا بيان صدر دون علم الحكومة
العراقية سوف يعرض صاحبه لأشد العقوبات وفي هذا المجال نكل رجالات الامن العراقي
في تلك الفترة اشد انواع التنكيل بالعربستانيين. ينطلق المفكرون الاستراتيجيون
العراقيون من أن الموقع الجيوسياسي للعراق على الخليج العربي يحتاج إلى التوسع إما
نحو الأهواز أو نحو الكويت والحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت كان أحد أهم
أهدافهما هو التوسع في أحد الإقليمين الأهوازي والكويتي. ثم أنهم لو أرادوا مناصرة
القضية الأهوازية لاستطاعوا فعل ألكثير فكانت في فترة ألحرب فرصة ذهبية كي يعرفوا
القضية الأهوازية إلى العالم ويطرحونها في الجامعة العربية والأمم
المتحدة والمحافل العربية والدولية ناهيك عن إمكانية مساعدة الأهوازيين
من خلال التعليم والتثقيف بدل منحهم اراضي زراعية وحتى تشكيل قوة عسكرية باسم جيش
تحرير الاحواز لم يكن من اجل تحرير اقليم عربستان بل كقوة عسكرية مسلوبة الارادة
لصالح النظام العراقي. فقد عممت الدولة العراقية إبان الحرب مع إيران على جميع
الكتاب والمؤرخين والمثقفين العراقيين أبرزهم الدكتور مصطفى عبدا القادر النجار،
علي نعمة الحلو، وعلاء نورس المحررين في مجلة آفاق عربية الرسمية الصادرة عن وزارة
الثقافة و الاعلام عام 1980 أن يدعوا بأن عربستان جزء من العراق و أن تحرير
الأحواز قضية عراقية بحتة و اقتصروها على أجزاء محدودة من خارطة عربستان و كانوا
يهدفون بذلك السيطرة على موانئ عبادان والمحمرة وخور موسى و شط العرب الممر المائي
الحيوي في المنطقة. ويؤكد سليم طه التكريتي في مقال له نفس الخطاب تحت عنوان
" الاحواز والمحمرة، جزء لا يتجزأ من العراق والوطن العربي " في نفس عدد
المجلة المذكورة اعلاه. أما ويلات الحرب العراقية الإيرانية التي دارت رحاها في
عربستان مستمرة حتى اليوم، فهي لا تعد ولا تحصى، فتدمير المدن والقرى والمناطق
وتهجير الناس إلى المدن غير العربية خدم بشكل كبير مشروع التغيير الديموغرافي
والنسيج الاجتماعي فكانت هذه من أول الويلات والمآسي حيث بعد انتهاء الحرب لم يعود
المهجرون إلى ديارهم وصادرت الدولة الإيرانية أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم
العقارية، كما ان آثار التلوث البيئي وجرحى ومعوقي الحرب والألغام المزروعة على
المناطق الحدودية ما زالت باقية حتى اليوم.
و يقول بعض منتسبي جيش تحرير الاحواز (
الذي كان يقاتل مع الجيش العراقي في الخطوط الامامية ) بان الاحوازيين رغم
التضحيات الجسيمة التي قدموها اثناء الحرب للجيش العراقي خاصة في معارك شرق دجلة و
هور الحويزة و قد توغلوا للعمق الايراني و غيروا موازين المعركة في تلك الفترة إلا
انهم كانوا يعاملون معاملة الاسرى و مقيدون في الحركة حيث كان التجول ممنوعا خارج
مناطق سكناهم و الاهم في الامر ان قرار الحركة السياسية الاحوازية في العراق كان
خاضعا بشكل كامل للقيادة العراقية و كل من يطالب باستقلالية القرار الاحوازي يزج
به في السجن الا الذين كانوا يعملون لصالح المخابرات العراقية و ينفذون اجندتها
فكانوا يتمتعون بإمكانيات و امتيازات خاصة هم و عوائلهم و يضيف : أننا إن رجعنا
إلى عمليات العسكرية في بداية الحرب فنجد الجيش العراقي يدخل المدن العربستانية و
يدمرها الواحدة تلو الأخرى و لم يحاصر الإقليم عسكرياً و يفصله عن إيران ككل و كان
يستطيع ذلك بسهولة بقطع الممرات المحدودة في جبال زاغروس و تجنب الشعب الأهوازي
كوارث القتل و التشريد و التهجير ولكنهم نقلوا المعارك داخل المدن و على رؤوس
الشعب الأهوازي المسكين .
والجدير بالإشارة الى ان الالاف من
الاهوازيين الذين كانوا اعضاء في الجبهةالعربية او جيش تحرير الاحواز سلموا
أنفسهم منذ 1991 حتى 2003 الى السلطات الايرانية والكثير منهم سجنوا لسنوات عديدة
كما حرموا من حقوقهم المدنية والاساسية كحرمان اطفالهم من الجنسيات والتعليم
والرعاية الصحية وغيرها. وعلى الرغم من ان بعض اعضاء الجبهة يبررون عدم استقلالية
القرار العربستاني بضعف قواهم السياسية وتشتتهم وتفرقتهم وكذلك عدم الاتفاق
والانسجام في الجبهة العربية وتركيبتها القبلية والعشائرية وبالتالي
يقولون بان هذا الوضع السياسي الهش للحركة العربستانية من اسباب عدم استقلالية
القرار السياسي وخضوعه لسياسات القيادة العراقية. ولكن عدم طرح القضية العربستانية
على المستوى الدولي وعدم دعم التمثيل الدبلوماسي العربستاني على المستوى الدولي
وكذلك عدم ايجاد مؤسسات وسيطرة أهوازية على الاراضي المحررة اثناء الحرب وعدم
موافقة القيادة العراقية حتى على رفع علم الاهواز في الاقليم كلها تعزز الاتجاه
الذي يذهب الى استحواذ القيادة العراقية على القرار العربستاني.
الحرب العراقية الإيرانية
صرح صدام حسين في الأيام الاولي للحرب ـ
وحينها كان يستعرض بعض قواته المتوجهة الى مدينة البسيتين العربستانية ـ "نخص
بالذكر شعبنا العربي في عربستان بانه عليه ان يتهيأ لممارسة حقوقه الوطنية والقومية على
ارضه ". ولكن ما تبين بعد ثمان سنوات من حرب ضروس دفع ثمنها بالدرجة الأولى
الشعب العربي في عربستان بان النظام العراقي استغل شعار اعادة الاراضي المحتلة العربية لمقاصده
التوسعية ليس الا، وكان منظري النظام البعثي يعتقدون بان العراق من اجل ان يستطيع
يأخذ دوره التاريخي واللائق والمناسب له بحيث يستطيع ان يكون بمستوى الطموحات القومية العربية
ورائدا للامة العربية فلابد له ان يوسع منفذه المائي الضيق والوحيد على
الخليج العربي. ولذا حسب وجهة النظر هؤلاء ليس سوى العراق الا خيارين: إما ان
يتوسع جهة الكويت واما جهة اقليم الاهواز وكما راينا انه جرب ذلك الخيارين
فبدء الحرب النظام العراقي ( الوثائق المنشورة من قبل مجلس الامن و الهيات الدولية
تشير الى ان النظام العراقي هو من بدء الحرب ) مستقلا التدخلات السافرة والحمقاء
لنظام الخميني في العراق وتحريض الشيعة على القيام بثورة ضد حزب البعث الحاكم
والاطاحة به … تلك الحرب المدمرة التي أكلت الاخضر واليابس ودفع الشعب العربي
الاهوازي المظلوم معظم فاتورتها من تدمير المدن والقرى و تهجير وتشريد وقتل الآلاف
من نساء و شيوخ و اطفال و شباب.
موقف سوريا من قضية الاهواز
كان موقف سورية في الستينات مناصرا و
مؤيدا للقضية الأهوازية و مشهود له في عدة مواقف، فرئيس الوزراء السوري يوسف زعين
طالب علنا عام 1965 بتحرير عربستان و قطع كافة العلاقات مع الشاه و وقفت سوريا ضد
اتفاقية الجزائر رسميا عام 1975 و احتضنت الاهوازيين الفارين من بطش النظام
العراقي الذي قام بتسليم عدد منهم و جمد نشاط التنظيمات العربستانية في العراق و
لكن منذ الثورة الايرانية و تقارب حافظ الاسد و تحالفه مع إيران اثناء الحرب
العراقية الايرانية عام 1980 أتخذ الموقف القومي السوري منحى تخاذليا منذ الحرب
العراقية الإيرانية و مع وصول بشار الأسد إلى السلطة الوراثية العبثية و بعد
انتفاضة نيسان 2005 اتخذ التعامل مع الأهوازيين شكلا عدائيا و تم تجميد نشاط
الاهوازيين و تم وقف المنح الدراسية التي كانت تعطى للطلاب العربستانيين من قبل
مكتب " عربستان " في القيادة القومية لحزب البعث العربي
الاشتراكي نهائيا ، كما تم تسليم بعض الناشطين السياسيين إلى إيران و قد حكم على
عدد منهم بالسجن و الابعاد. اما موقف سورية حول خطاب الوحدة العربية والمقاومة
والممانعة فقد كشفت زيفه الثورة السورية بكل وضوح امام العالم فأصبح الجيش السوري
الذي لم يطلق طلقة واحدة باتجاه اسرائيل طيلة 40 عاما أصبح يقتل السوريين يوميا
بدم بارد ويقتل الاطفال والنساء ويرتكب المجازر وفي نفس الوقت يرفع الشعارات القومية والممانعة
والمقاومة ضد الامبريالية والصهيونية واعداء الامة العربية.
مصر
وقد دعمت مصر في عهد جمال عبد الناصر
ولفترة محددة قضية عربستان إعلاميا وسياسيا بسبب عداء الشاه للعرب ومناصرته
لإسرائيل وتوجهاته التوسعية، إلا أنه مع وصول السادات إلى الحكم في مصر تغيرت
المعادلات ولم تعد مصر تذكر القضية عربستان في أي مكان. وكانت من الدول التي ترفض
أي تمثيل أهوازي في الجامعة العربية أو في المؤسسات الدولية كالأمم
المتحدة واتهم محمد حسنين هيكل الانتفاضة الأهوازية عام 2005 بأنها جاءت من تحريض
من أمريكا وبريطانيا.
موقف دول الخليج العربي
لم يكن تعامل الخليجيين أفضل من الأحزاب القومية في
العراق و سورية و مصر و لم يقدموا أي دعم يذكر للقضية العربستانية و ايضا استخدموا
القضية كورقة ضد ايران لا اكثر و لا اقل و قد تناسوا دور الشيخ خزعل في استقرار
الخليج العربي و حماية مصالحه من المطامع الأجنبية طوال فترة حكمه .و حول موقف
جبهة تحرير عربستان من الكويت و محاولة النظام العراقي غزو الكويت في 1973يقول
طالب المذخور: " سافر بالفعل إلى دولة الكويت كلا من أحمد الجزائري ونصار
المذخور بصحبة خالد أسعود الزيد وشرحوا للمسؤولين الكويتيين إن تمركز القوات
العراقية في المنطقة ليس لحماية أم قصر، إنما لاحتلال الكويت، وخرج في اليوم
الثاني أمير الكويت المرحوم صباح السالم الصباح في تلفزيون الكويت وهو على ظهر
دبابة في الحدود بين العراق والكويت وتصرفت حكومة الكويت وقتها بشكل دبلوماسي حكيم
وتجاوزت الأزمة وكان هذا بفضل حكمة قيادة جبهة تحرير عربستان ولمصلحة العراق
والكويت معا وقتها، ولكن هل أن الأخوة في دولة الكويت كانوا أوفياء لموقف الجبهة
هذا أم تناسوه كما تناسوا مواقف الأمير خزعل معهم؟" (1)
كان دور الدول الخليجية ضعيفا منذ بداية
القضاء على الحكم العربي في امارة عربستان ولم يتبنوا أي موقف إزاء تقويض حكم
الشيخ خزعل تجاه البريطانيين أو الإيرانيين. وفي زمن الحكم الشاهنشاهي حيث كانت
الشاه الإيراني يمثل دور الشرطي في الخليج لم تقدم تلك الدول أي دعم يذكر للقضية
الأهوازية.
والسبب الرئيسي يعود الى خشية الخليجيين
من إقامة دولة عربية شيعية في عربستان تمتلك 15% من احتياط النفط العالمي.
والدلائل على ذلك كثيرة ومنها: يقول فؤاد الهاشم صحفي كويتي مشهور: لقد حارب صدام
حسين الإيرانيين لمدة ثماني سنوات عن طريق شيعة العراق لدرجة انه قال في احد
لقاءاته المغلقة مع رؤساء تحرير الصحف الكويتية الخمسة في بغداد قبل الغزو بلهجته
العراقية "قاتلنا كلابنا بكلابهما يقصد انه قاتل الإيرانيين بشيعة العراق.
إذن ما المشكلة أن تحتوي دول الخليج العربي شيعة إيران والاهوازيين وان تستخدمهم
لمواجهة السياسة الإيرانية ووقف تغلغلها في المنطقة؟ يمكن أن يكون ثلث الشعب
الاهوازي مع العرب ضد إيران. "ليش دول الخليج صامتة وليش ناطره كل مرة تجيلها
طرقات من إيران". (3)
ورأي آخر للكاتب الكويتي المعروف عبد
اللطيف الدعيج يقول فيه: " في مطلع القرن الماضي اشتدت المطامع الفارسية في
اقليم الاحواز العربي، واخذ الايرانيون يحرضون القبائل ضد الحاكم العربي المستقل
للإقليم الشيخ خزعل. الشيخ استنجد بحاكم الكويت الشيخ مبارك الذي لبى النداء في
مدينة الكويت هب المتدينون السلفيون ـــ بقيادة الاجانب كالعادة، الشنقيطي وآخرون
ـــ لتحريض الناس ضد الشيخ مبارك وضد نصرة الشيخ خزعل، باعتبار الاثنين ضد الدولة
العثمانية السنية. طبعا الشيخ خزعل للعلم شيعي. لكن الفرس لم يرحموا تشيعه، في حين
لم ينس سلفيو الكويت «رافضتيه». وهكذا سقطت امارة المحمرة بيد الفرس وقتل
الايرانيون الشيخ خزعل ونكلوا ـــ وما زالوا ـــ بسكان الاقليم العرب الشيعة. الآن
بعد ما طارت الطيور او العقبان الايرانية بأرزاقها، يطل علينا السلفيون المتخلفون
ذاتهم هنا منادين بتحرير اقليم الاحواز ونجدة سكانه العرب ربما ناسين او متناسين
ان الشيخ خزعل ابن الاحواز او اميرها بنى الحسينية الخزعلية، ثاني حسينية في تاريخ
الكويت! كيف يكون الشيخ خزعل وابناء المحمرة الذين تصدوا للدولة العثمانية «كفارا»
يفتي بعدم نصرتهم سلفيو الكويت، ثم يصبح احفادهم اليوم عربا مضطهدين علينا التضحية
بمصالحنا وامننا لفك أسرهم (4)
عامل دول الخليج مع المهاجرين الاهوازيين
غير الشرعيين (الكعيبر) الذين يلجئون إلى تلك الدول بحثاً عن لقمة العيش في بلدهم
الهائل بالثروات بشكل غير إنساني ومن منطلق بوليسي و أمني يتعرضون للضرب و الإهانة
و السجون و التسليم إلى إيران و لم يقدموا لهم تسهيلات طوال العقود الماضية و بعد
انتفاضة الشعب العربي الاهوازي في نيسان من عام 2005 اخذوا يضغطون على
العربستانيين الناشطين على أراضيها واعتقلت دولة الكويت الناشط السياسي ابراهيم
الناصري لمدة 5 اشهر بسبب تغطيته احداث الانتفاضة في الصحافة و الاعلام الخليجي و
أجبرته على ترك أراضيها.
والمملكة العربية السعودية على
الرغم من انها استقبلت خلال العقود الماضية ملايين اللاجئين والعمال من دول شرق
أسيا وأفغان وشيشان وبوسنيين وغيرهم الا انها لم تستقبل أي عمال عرب اهوازيين او
حتى انها لم تمنح اللجوء لبضعة لاجئين اهوازيين هاربين من النظام الإيراني وعالقين
بين الحدود العراقية الأردنية والعراقية السورية. ومن الأسباب الاخرى التي تعرقل
الدعم الخليجي لقضية عربستان التدخل الإيراني في دول الخليج العربي وتحريك الصراع
الطائفي في بلدانهم من خلال الشيعة العرب أو الفرس الوافدين المقيمين في تلك البلدان
وأيضا مساعدة مهربي المخدرات على تهريب هذه السموم القاتلة الى تلك دول في حال
دعمهم للقضية الأهوازية. ولكن بعد الربيع العربي تغير هذا الموقف بحيث اخذ منحى
آخر وقامت بعض الجهات الخليجية تدعم القضية العربية في عربستان اعلاميا
ولكن تروج لخطاب معين ذات صبغة دينية سلفية ونزعة تحررية ونهج مسلح حيث ان
المراقبون للشأن العربستاني يرون بان دعم هذا التيار لا يحل قضية الشعب العربي في
عربستان و انما يدخله في دوامة الصراع الطائفي في المنطقة و ايجاد شرخ في وحدة
ونسيج المجتمع العربي في عربستان وتغيير جوهر الصراع من الاضطهاد القومي الى صراع
طائفي بين ايران والخليج و بالتالي استخدام قضية عربستان كورقة في هذا الصراع
للضغط على النظام الايراني للجم تدخلاته في دول الخليج. طبعا هذا لا يعني ان لا
نأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي الموجود وعدم الاستفادة من الصراع الدائر بين
النظام الايراني مع اي طرف من الاطراف الاقليمية او الدولية ولكن شريطة ان لا نقع
في حضن اي من تلك الاطراف ضمن مشروع معين ونصبح اداة لتنفيذ اهداف استراتيجية
معينة مسبقا. وما نراه اليوم من تهافت البعض الاهوازي على بعض القنوات التي تروج
لخطاب ديني معين وتغض الطرف عن طرح قضايا هامة كالديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق
المرأة و ... ما هو الا مصداق بارز من التبعية وعدم الاستقلالية الراي.
الصراع الفارسي العربي
كان شعبنا العربي الاهوازي و سائر الشعوب
غير الفارسية في ايران اولى ضحايا الخطاب القومي الشوفيني الفارسي الذي تبناه رضاخان
منذ وصوله للسلطة و بناؤه دولة ايران الحديثة على اساس القومية الواحدة
و اللغة الواحدة و الثقافة الواحدة و مع صعود فكرة القومية العربية في
العالم العربي و وصولها للسلطة اشتد الصراع العربي ـ الفارسي المزعوم الذي اختلقه
العنصريون الفرس الذين بنوا الدولة الإيرانية الحديثة مع وصول رضا خان إلى الحكم
على أساس الدولة ـ الأمة الفارسية و صهر كل القوميات في بوتقة التفريس و أصبح كل
عربي يحارب على أساس أنه من أحفاد العرب الذين دمروا الحضارة الفارسية في الفتح
الإسلامي و تحميل العرب كل الويلات و المآسي التي حلت بإيران إثر الفتح الإسلامي
باعتبار أن العرب هم الذين أتوا بالإسلام إلى إيران و استمر هذا الخطاب في عهد
الجمهورية الإسلامية لكن بإضفاء عنصر آخر هو الطائفية الصفوية و جعلها دينا قوميا
إيرانيا، بهدف التمايز عن العرب و مصادرة الدور القيادي للعرب في العالم الإسلامي،
لذلك يتخذ العنصريون الفرس و من يحمل أيديولوجيتهم من النظرة الشوفينية المركبة
للعنصرية الفارسية والطائفية الصفوية، نهجا لحكم الشعوب غير الفارسية. شعبنا
العربي في عربستان هو أول من تعرض إلى هذه الإيديولوجية العنصرية منذ تقويض الحكم
العربي في عام 1925 وقد جابه القوميون العرب هذا الخطاب ألعنصري بخطاب عنصري مضاد
وجعلوا من كل الشعوب غير الفارسية في إيران شعبا واحدا وتمت تغذية هذا الصراع
الفارسي العربي المزعوم من قبل الطرفين وتحمل نتائجه المأساوية الشعوب المضطهدة في
إيران وشعبنا العربي في عربستان على وجه الخصوص.
ان التجارب المريرة التي مرت بها الحركة
الوطنية في عربستان وتعاملها مع الانظمة والشعوب المختلفة وكذلك اليوم ثورات
الربيع العربي ونهضة الشعوبالعربية نحو الحرية ومقارعة الاستبداد
والديكتاتورية واستخلاص العبر والدروس منها تحتم علينا التجديد ومراجعة خطاباتنا
وحساباتنا وأن نسير باتجاه تبني خطاب عقلاني مستقل يقبل بالتعددية والديمقراطية
والسعي لبناء مجتمع عربي حضاري دون الوقوع في صراعات اقليمية او طائفية لا تنفعنا
بشيء سوى انها تجعل من قضيتنا ورقة مساومة بيد الانظمة المستبدة.
في ضوء التطورات الإقليمية الجديدة في
العالم العربي وعلى رأسها القضية السورية وثورة الشعب السوري ضد الطاغية بشار
الأسد وامتداد الصراع بين قوى الثورة ودعاة الدولة المدنية الديمقراطية من جهة وبين
الأنظمة القمعية وبدائلها من القوى الأصولية وتدخل ايران السلبي و السافر في
الشؤون العربيةيتوجب على العالم العربي دعم القوى الوطنية والديمقراطية في
عربستان لدرء مخاطر التغلغل الإيراني والتوسع علي حساب الشعوب العربية ومقدراتها.
الهوامش
(1) انظر سلسلة مقالات طالب المذخور
حول عربستان تحت عنوان: حركة النضال العربي لتحرير الأحواز قفزة نوعية في الأداء
الوطني، الجزء الثاني، موقع عربستان، تاريخ 6-6-2010
انظر سلسلة مقالات طالب المذخور حول
عربستان تحت عنوان: حركة النضال العربي لتحرير الأحواز قفزة
نوعية في الأداء الوطني، الجزء الثالث، موقع عربستان، تاريخ 17-6-2010
(3) حوار ايلاف مع فؤاد الهاشم، الرابط:
(4) الأحوازيون عرب أم شيعة؟ عبد
اللطيف الدعيج، الرابط:
كاظم مجدم
1 يناير 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق